علي جمعة: نشر العلم وحده ليس ضمانا للسلام ولا عوضا عن العقيدة
قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية الأسبق وعضو هيئة كبار علماء الأزهر الشريف، إن من الخطأ أن نظن أن في نشر العلوم والثقافات وحدها ضمانا للسلام والرخاء وعوضًا عن العقيدة السليمة، وذلك لأن العلم سلاح ذو حدين فهو كما يصلح للبناء والتعمير يصلح للهدم والتدمير.
وأوضح « جمعة » عبر صفحته بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، أنه لابد في حسن استخدامه من رقيب يوجهه لخير الإنسانية وعمارة الأرض لا إلى نشر الشر والفساد، وذلكم الرقيب هو العقيدة والإيمان، منوهًا بأن هذا الإيمان على ضربين: إيمان بقيمة الفضيلة وكرامة الإنسانية وما إلى ذلك من المعاني المجردة التي تستحي النفوس العالية من مخالفتها، وإيمان بذات علوية رقيبة على السرائر يستمد القانون سلطانه الأدبي من أمرها ونهيها، وتلتهب المشاعر بالحياء منها أو بمحبتها أو بخشيتها.
وتابع: لا ريب أن هذا النوع هو أقوى النوعين سلطانا على النفس الإنسانية وهو أشدهما مقاومة للهوى وأسرعهما نفاذا إلى قلوب الخاصة والعامة، من أجل ذلك كان الاعتقاد الصحيح خير ضمان لقيام التعامل بين الناس على قواعد العدالة والإنصاف وكان لذلك ضرورة اجتماعية كما هو فطرة إنسانية.
وأضاف أن العقيدة الإسلامية هي الإيمان الجازم بأن خالق السموات والأرض هو الله رب العالمين، وأنه إله واحد متصف بكل الكمالات، منزه عن كل النقائص، ليس كمثله شيء، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم نبيه ورسوله إلى العالمين كافة؛ بلغ رسالته على أكمل وجه وأتمه، وأن القرآن كتابه الصادق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وأن ما أخبر به من الغيب حق فالملائكة حق والنبيون حق والجنة حق والنار حق، بحيث يحرك هذا الإيمان صاحبه بأن يلتزم بأحكام شريعة الإسلام ويتبع أوامر الكتاب والسنة.
وأكد أن التوحيد علامة هذه العقيدة وركنها الركين، وهو يعني إفراد المعبود بالعبادة مع اعتقاد وحدته والتصديق به ذاتا وصفات وأفعالا وأن ليس هناك ذات تشبه ذاته تعالى، وأن ذاته لا تقبل الانقسام لا فعلا ولا وهما ولا فرضا مطابقا للواقع، ولا تشبه صفاته الصفات فلا تعدد فيها من جنس واحد كأن يكون له تعالى قدرتان أو إرادتان أو علمان مثلا ولا يدخل أفعاله الاشتراك، إذ لا فعل لغيره سبحانه خلقا وإن نسب إلى غيره الفعل كسبا.
ونبه إلى أنه قد جمع أهل التحقيق ما قاله العلماء عن التوحيد في مسألتين: الأولى: اعتقاد أن كل ما تصور في الأوهام فالله بخلافه، والثانية: اعتقاد أن ذاته تعالى ليست مشبهة للذوات ولا معطلة عن الصفات، مشيرًا إلى أن هذه هي العقيدة الإسلامية الصحيحة التي قامت عليها حضارة الإسلام وستبقى وتدوم إن شاء الله إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.