مسيرة عطاء صنعت نجوما وانتهت بمأساة.. رحل بليغ حمدي وعاشت “يا حبيبتي يا مصر”
لم يكن أحد يتوقع أن بليغ حمدي الذي استطاع أن يخترق كبار المطربين والمطربات في السبعينيات والثمانينيات، بل ويصنع من بعضهم نجوما على وقع ألحانه التي هزت واهتزت لها القلوب والآذان، أن تكشر الدنيا له عن أنيباها وتكتب له هذه النهاية المأساوية، بالحبس فى قضية إتهامه بقتل الفنانة المغربية “سميرة مليان”.
على الرغم من اعتماد بليغ حمدي كمطرب في الإذاعة المصرية، إلا أن التلحين كان هو حبه وحلمه الأول، وعلى الرغم من أنه سجل 4 أغنيات، إلا أنها كانت مرحلة، استطاع من خلالها الاقتراب من كبار المطربين في عصره، كما أن علاقته بالفنان الراحل محمد فوزي كانت الباب العالي الذي عبر من خلاله بليغ حمدي.. ليترك لنا بصماته كملحن غير عادي.
ففي عام 1957 قدم أول ألحانه لعبد الحليم حافظ “تخونوه”والتي شدا بها في فيلم الوسادة الخالية، كما قدمه محمد فوزي لكوكب الشرق التي تغنت بأروع ألحانه:” حب إيه، أنساك، أنا وأنت ظلمنا الحب، كل ليلة وكل يوم ، سيرة الحب، بعيد عنك، ألف ليلة وليلة، فات الميعاد، الحب كله، حكم علينا الهوى”.
وفي الوقت نفسه الذي كان يلحن فيه بليغ حمدي أروع ما غنت أم كلثوم، كان الحب قد جمع بين وردة وبليغ، حتى ظنت أم كلثوم أن اختيار بليغ لتلحين بعض أغانيه كما لو كانت رسائل غير مباشرة لحبيبته وردة.
وعلى الرغم من زواجه بالفنانة وردة الذي لم يدم سوى 6 سنوات، بسبب التلحين الذي اعتبرته ورده أنه ضرتها الثانية، إلا أن هذا الثنائي الغنائي أسمر أروع ما غنت وردة:” “العيون السود” و”خليك هنا” و”حنين” و”حكايتي مع الزمان” و”دندنة” و “وماله” و”لو سألوك” و”اسمعوني”.
تعاون بليغ حمدي مع كبار المطربين والمطربات، من خلال ألحانه التي تنوعت وتطعمت بالمزيج من مدارس التلحين المختلفة، حيث قد تمرس بليغ في فهم شخصيات المطربين الذين تعامل معهم، فلم يكن لحنا يشبه آخر، وكان كل المطربين والمطربات يغنون على ألحانه كما لو كان ملحنه الخاص.
بساطة ألحان بليغ حمدى وسهولتها الممتنعة قد شكلت شخصيتة ووضعته على قائمة كبار الموسيقيين، فها هي الأغنيات الطويلة التي تمتد لساعة أو أقل قليلا والتي لحنها لكوكب الشرق، وها هي الأغنيات القصيرة التي لحنها للعندليب ووردة وشادية، وميادة، وسميرة سعيد وهاني شاكرونجاة الصغيرة.
بليغ وشادية
من خلال 1500 لحن هي عمر بليغ حمدي الفني، والتي تنوعت من بين الفلكلورية والرومانسية والوطنية، تغنت أيضا له الفنانة شادية بأروع أغنيها:” والنبي وحشتنا، قولوا لعين الشمس، عطشان يا صبايا، خلاص مسافر، والله يازمن، يا حبيبتي يا مصر، أدخلوها سالمين، آخر ليلة، ، مكسوفة، يا أسمرانى اللون”.
وتعاون بليغ أيضا مع نجاة الصغيرة فقدما معا:”أنا بستناك، كل شيء راح، الطير المسافر، سلم علي، ليلة من الليالي، حلاوة الحب، نسي، سكة العاشقين، قصتنا، وحدية، سهران يا قمر، موش هاين أودعك، سمعته، في وسط الطريق، موكب حب، حبك الجبار، أنا بستناك”.
ومع الصبوحة أبعد بليغ حمدي فظهرت روائعه من خلال:” عاشقة وغلبانة، يانا يانا، زي العسل، جاني وطلب السماح، أمورتي الحلوة، كل حب وأنت طيب، شمس الشموس يا صبوحة”.
وكان للفنانة سميرة سعيد نصيب من ألحان بليغ حمدي:” زي البحر حبيبي، علمناه الحب، كتر الكلام الله ياسيدي، آه يالموني، صعيدي ولا بحيري، سارقين النوم”.
ولحن بليغ لميادة الحناوي عشرات الأغاني الناجحة: “الحب اللي كان، أنا بعشقك، مش عوايدك، فاتت سنة، عندي كلام”.
لقطات
* أتقن العزف علي العود وهو في التاسعة من عمره.
*شهد منزل الفنانة نجوى فؤاد تتويج قصة الحب بين بليغ ووردة بالزواج.
* من مفارقات القدر في رحلة بليغ حمدي الفنية تعاونه مع الشيخ النقشبندي، في تلحين “مولاي” التي رفضها وقتها النقشبندي إلا أنها صارت من أشهر موشحاته الدينية.
نهاية مأساوية
قبل رحيله تعرض بليغ حمدي للحبس بعدما إتهم في قضية مقتل الفنانة المغربية “سميرة مليان”، وعلى الرغم من أنه لم يمكث في الحبس سوى يوم واحد بعد تدخل طليقته الفنانة وردة، إلا أن حالة بليغ حمدي الصحية قد زادت سوءً، ومثلما توفى العندليب بالكبد، كانت نهاية بليغ حمدي قد تشابهت معه، ليرحل في مثل هذا اليوم من سبتمبر 1993 عن عمر يناهز 62 عاما بعد صراع طويل مع مرض الكبد.